انهار اجتماع الأربعاء فلم يعرض ميقاتي مسوّدة حكومة

تسخن أسبوعاً وتبرد آخر، ويظلّ تأليف الحكومة في الغيب رغم إفصاح الأفرقاء المعنيين به بمكامن الخلاف الذي يعطّله. هكذا من عقدة إلى أخرى من دون جدوى. لم تعد حقيبة الداخلية الآن في نظر هؤلاء عقدة العقد. لكن المقاعد والحقائب تمنع التأليف


رغم وطأة الأحداث الأمنية التي شهدتها الحدود اللبنانية ـــــ الإسرائيلية جنوباً، واللبنانية ـــــ السورية شمالاً، واحتمال تأثيرها على الاستقرار الداخلي واتسام ما حدث في مارون الرأس بعفوية مدبّرة في أحسن الأحوال، لم تتحرّك جهود تأليف الحكومة بين أفرقاء التفاوض. مرّ يوم آخر لم يُضف الكثير إلى ما رافق منتصف الأسبوع الماضي، عندما تزامَنَ التوافق على العميد المتقاعد في قوى الأمن الداخلي مروان شربل لحقيبة الداخلية مع خلاف متجدّد على توزّع المقاعد المارونية الستة بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس ميشال عون.
وتبعاً لمطّلعين وثيقي الصلة برئيس الجمهورية، يتمحور موقفه من وقائع الأيام الأخيرة حول المعطيات الآتية:
1ـــــ عرض الرئيس المكلف نجيب ميقاتي على سليمان، في اجتماعهما مساء الثلاثاء 10 أيار، لائحة من ثلاثة أسماء مرشحة لتولي حقيبة الداخلية، أحدها شربل. استمهل الرئيس إعطاء إجابة نهائية إلى اليوم التالي. الأربعاء 11 أيار، اجتمع رئيس الجمهورية بالرئيس المكلف مجدّداً بعدما كان قد التقى رئيس المجلس نبيه برّي، وأبلغ إليه أنه ينظر إلى تولي العميد المتقاعد في قوى الأمن الداخلي حقيبة الداخلية على أنه «مخرج مقبول»، لكنه يتمسّك بالاطلاع على تشكيلة حكومية متكاملة تجعل الاتفاق شاملاً مقاعد الحكومة الثلاثينية وحقائبها.
2ـــــ أتت تسمية شربل بعد أسبوعين من تناقل الأسماء من فريق إلى آخر. طُرح اسم العميد بول مطر، ثم على نحو عابر اسم قائد الجيش العماد جان قهوجي ـــــ وكان قهوجي قاطعاً في رفض تداول اسمه ـــــ ثم طُرح اقتراح يضع حقيبة الداخلية في الطائفة الأرثوذكسية وحقيبة الدفاع الوطني في الطائفة المارونية، وقيل بترشيح عضو المجلس العسكري اللواء ميشال منسى. لم يدم هذا الاقتراح في ظلّ الإصرار على مارونية حقيبة الداخلية. طُرحت الأحد 8 أيار ثلاثة أسماء، اثنان منها كانا للمناورة من أجل رفضهما سلفاً، هما القائد السابق للدرك العميد أنطوان شكور (بسبب نزاع مرير بينه وبين المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي) يُحتم أن يرفضه ميقاتي، والآخر النقيب السابق لمحامي بيروت شكيب قرطباوي يُحتم أن يرفضه رئيس الجمهورية، نظراً إلى علاقته الوطيدة بعون. بذلك، وكما بدا متوقعاً، رسا التفاهم على الاسم الثالث، العميد مروان شربل الذي طُرح كي يقبل.
3 ـــــ الأربعاء 11 أيار، اجتمع الرئيس المكلف مع ثلاثي التفاوض (الوزير جبران باسيل والمعاون السياسي لرئيس المجلس النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل) وفُضّ لقاؤهم على خلاف بعدما رفض ميقاتي شروط عون التي نقلها إليه باسيل:
ـــــ خمسة مقاعد مارونية (أحدها وزير يمثّل النائب سليمان فرنجية)، على أن يكون الوزير السادس من حصة رئيس الجمهورية، وهو شربل.
ـــــ الاكتفاء بوزير دولة واحد (هو النائب سليم كرم مع إبداء مرونة حيال هذا الشرط القابل للتليين بوزيري دولة هما كرم ووزير أرمني).
ـــــ حقائب الطاقة والاتصالات والشؤون الاجتماعية للتيار الوطني الحرّ، والتخلي عن حقيبة العدل.
انتهى الاجتماع بحصيلة سيئة. ورغم الاتفاق على متابعة البحث الثانية عشرة والنصف ظهر اليوم التالي، الخميس 12 أيار، إلا أن الاجتماع لم ينعقد بين الأربعة لتعذّر التفاهم.
4 ـــــ بسبب إخفاق اجتماع الأربعاء مساءً بينه وبين الوفد المفاوض باسم الغالبية النيابية الجديدة، لم يعرض ميقاتي على سليمان المسوّدة التي طلبها الرئيس. وكان رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط قد عمل على خط التسوية منذ مطلع الأسبوع. وحتى الأربعاء كان قد أوفد إلى رئيس الجمهورية الوزير وائل أبو فاعور ثلاث مرات، اثنتان الاثنين وثالثة الثلاثاء، بعدما أطلع حزب الله جنبلاط على لائحة الأسماء الثلاثة. ورغم كونه غير معني بالنزاع على حقيبة الداخلية، اكتفى الزعيم الدرزي بأخذ العلم بالتوافق على حلّ أزمتها، واستعجل إبصار الحكومة الجديدة النور. بيد أنه رفض في الأيام التالية التخلي عن حقيبة الشؤون الاجتماعية التي وعده ميقاتي بإسنادها إلى أبو فاعور، فيما يطالب بها عون للتيّار الوطني الحرّ.
5 ـــــ منذ كلف تأليف الحكومة في 25 كانون الثاني، لم يعرض الرئيس المكلف على رئيس الجمهورية أي مسوّدة بتشكيلة حكومية، ما خلا ما أبرَزَه له من أسماء تشكيلة تكنوقراط كان يرغب في أن تكون نواة حكومة يرأسها ولم يكتب لها النجاح. وإلى الآن يقول الرئيس أمام زوّاره إنه لا مسوّدة مكتملة فوتح بها، وإنه لن يفصح عن رأيه في تركيبة حكومية ما لم تقدّم إليه المسوّدة كلاً متكاملاً، لا بالتقسيط. منذ نُسِف اجتماع الأربعاء 11 أيار لم يزر ميقاتي قصر بعبدا إلى أن التقى سليمان مساء الجمعة في الاحتفال الذي نظمته جامعة القديس يوسف.


الأخبار