عمر الزعني (1898 - 1961م) شاعر شعبي لبناني انتقادي، لقّب بموليير الشرق حيناً بفولتير العرب حيناً آخر، كما عرف ب "ابن الشعب" و "ابن البلد"
وُلد الزعني في بيروت عام 1898 في الرّمل الظريف – بيروت. أبوه الشيخ محمّد الزعنّي وأمّه بهيّة المغربل. وعائلة الزعني قديمة في منطقة الظريف البيروتية. في عام 1850، كان والد الزعني شيخ الحي. وهو اللقب الذي يُعرف اليوم بـ {المختار». كان عالماً صوفياً يدرّس الدين على الطريقة الشاذلية، وقاضياً يحل المشكلات العائلية، وتاجر حنطة «ورئيس حسبة» بين التجار. وقد حصل على «امتياز الدولة العليّة» لثلاث مرات أيام الدولة العثمانية والانتداب الفرنسي والاستقلال.
تعلّم عمر صغيراً في مدرسة التوفيقة، وفي عام 1900 دخل المدرسة العباسية، بتوجيه من والده الشيخ محمد، صديق الشيخ أحمد عباس الأزهري (المنسوبة المدرسة إليه). وفي العام التالي، التحق عمر بفرقة المدرسة الموسيقية، وظل فيها حتى تخرّجه في عام 1913. بعد ذلك، عمل مدرساً في مدرسته حتى عام 1914، عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى. فسافر إثر ذلك من بيروت إلى حمص في سورية والتحق بالمدرسة الحربية، التي تخرّج فيها بعد ستة أشهر برتبة ضابط إداري. وبعد انتفاضة 1916 وإعدام الشهداء على يد جمال باشا في 6 مايو (أيار) في ساحة البرج، أُبعد الزعني إلى فلسطين. ولم يعد إلى بيروت إلاّ مع نهاية العهد العثماني سنة 1918. .
في فلسطين عمل الزعني مدرّساً، وبعد عودته إلى بيروت عمل مديراً على رأس الكلية الإسلامية في عام 1919، ومدرساً للموسيقى في مدرسة ماري كسّاب. لكن رحلته الحقيقية في الشعر بدأت مع قصيدة «الحجاب» التي انتقد فيها ما دار من معارك لفظية في مصر بين أنصار الحجاب وأنصار السفور، فيقول في هذا الصدد:
الدنيا قايمة والشعب غافل
راحت بلادكم ما حدّ سائل
شوفوا البلايا، شوفوا الرزايا
والشعب قايم على الملاية
وكان الزعني بدأ عام 1918 طريقَ الفنّ والموسيقى والشعر الضاحك، وأحيانًا القارص والانتقادي، مع صديقه الشيخ رائف فاخوري (المتوفى عام 1954)… على مسرح الكريستال في منطقة النوريّة (البيروتية)، حيث قدّم الشيخ رائف مسرحيّة «جابرُ عثراتِ الكرام». وخلال عرض المسرحيّة بين الفصل والآخر، كان يصعد الزعني إلى المسرح ويقدّم أغنيةً من تأليفه مطابقةً لواقع القصّة وللأحداث التي كانت تمرّ فيها البلادُ آنذاك. هكذا، بدأتْ مسيرتُه النقديّة الشعريّة - الاستعراضيّة في المسارح والفنادق وأماكن التجمّع والاحتفال.
وفي عام 1922 عمل الزعني موظفاً كمساعد قضائي في محكمة بيروت البدائية، وفي تلك الأثناء انتسب إلى كلية الحقوق في الجامعة اليسوعية في بيروت مستعيناً بمنحة دراسيّة قدّمتها له جمعية «المقاصد الخيرية
الإسلامية».في هذه المرحلة من حياة الزعنّي، نضجت نزعته إلى نظم الشعر والأناشيد والأغاني التي توحي بها الأحداث الجارية في البلاد والتطورات الاجتماعية التي عاشها المواطنون، لا سيما في بيروت
رحلته مع الشعر استمرت حتى وفاته في العام 1961م، مخلفاً تراثاً كبيراً يضم أكثر من
ألف قصيدة انتقادية فولتيرية، ولكن بلسان الشعب، باللغة المحكية (العامية) والكلام
اليومي، الواضح والجارح معاً.
كان عمر الزعني سباقاً لزمانه في توصيفه لـ "بيروت" التي قال عنها "بيروت زهرة في غير أوانها" وكأنه والد يخشى عليها صبية تجول في محيط خطير حولها، رأى فيها زهرة أزهرت في محيط يحاول الانقضاض عليها، وكان يخشى عليها من ضعفها في حماية نفسها.
يا مناظر عالشاشة يا خداعة وغشاشة
يا عروس بخشخاشة يا مصمودي بالتابوت
يا ضيعانك يا بيروت
الخواطر مكسورة والنفوس مقهورة
والحرية مقبورة والكلام للنبوت
يا ضيعانك يا بيروت
الجهال حاكمين والأرذال عايمين
والأنذال عايشين والأوادم عما تموت
يا ضيعانك يا بيروت
الجريدة