ليس من الصعب أن نتحدث عن ما عاناه
المواطن العربي وما زال يعاني منه من مشكلات فهو مطلوب منه أن لا يتكلم ولا ينطق
ويكون مسلوب الإرادة لا حق له في التعبير عن رأيه. إنه باختصار المواطن الذي لا يرى ولا يسمع
ولا يتكلم..عليه أن لا يرى ما يحدث أمامه من انتهاك حريته في التعبير عن رأيه
فالسلطة دوما على حق. وعليه أن لا يرى ما يحدث من سرقة وتبديد لأموال شعبه وما
يتمتع به البعض من ثروات وخاصة أولئك الذين يقدمون فروض الولاء والطاعة للسلطة، وعليه
أيضاً أن لا يسمع إلا خطابات رؤسائه وأتباعهم لأنهم وبحسب ما يدعونه هم حماة هذا الوطن وهم العاملون
على تحقيق التنمية والرخاء لشعبهم.وعليه أن لا يتكلم عندما يكتشف أكاذيب زعمائه
وقادته.. لأنه حين سيتجرأ ويطالب بحقوقه و حريته سوف يكون مصيره هو السجن والتعذيب
أو النفي بحجة أن بحثه عن الحرية كان بطريقة غير قانونية ويكون ذنبه الوحيد هو أنه
فكر!.ففي بلادنا أصبحت عملية التفكير جريمة يعاقب عليها القانون!.
وفي هذا يقول الشاعر أحمد مطر في لافتة
له بعنوان "تهمة":
كنت أسير مفردا
أحمل أفكاري معي ...ومنطقي ومسمعي...
فازدحمت من حولي الوجوه ،
قال لهم زعيمهم خذوه ،
سألتهم ما تهمتي ؟.
فقيل لي: " تجمع مشبوه"
** وصايا
في زمن الإحتلال **
الوصايا العشر لكل مواطن عربي
في هذه القصيدة يسلط الشاعر أحمد مطر
الضوء على واقع المواطن العربي وما يعاني منه من مشكلات فالوصايا العشر في زمن
الاحتلال ما هي إلا تعبير ساخر عما يغلي في صدورنا ولا نستطيع البوح به إنها تعبيرعن واقع مرير نعيشه جميعاً والمتمعن في
القصيدة قد يبتسم أو يضحك للوهلة الأولى لكنه بعد ثوان معدودة سوف ينتابه الحزن العميق
والأسى لما آلت إليه أوضاع شعوبنا من تردي
سواء في حالة المجتمع أو في علاقات أنظمته
وسلطاته في ارتباطها مع المواطن وما تمارسه السلطة من قمع واستبداد للحريات.
الوصية الأولى
عندما تذهب للنوم....
تذكر أن تنام
كل صحوٍ خارجَ النومِ
حرام.!!
وخذ الفرشاةَ والمعجون وأغسلْ
ما تبقى بينَ أسنانِك مِن بعضِ الكلامْ
أنت لا تأمن أن يدهمك الشرطة
حتي في المنامْ..!!
ربما تشخرُ ...أو تعطسُ
...أو تنوي القيامْ
فدع المصباحَ مشوباً
يا صديقي..كلّ فعلٍ في الظلام ..
هو تخطيطٌ لإسقاط النظام..!!
الوصية الثانية
إحترمْ حظر التجوّل
لاتغادر غرفه النوم
إلى الحمام..
ليلاً
للتبــــوّل..
!!
الوصية الثالثة
قبل أن تنوي الصلاة
إتصل بالسلطات
وأشرح الوضعَ لهم
لاتتذمر.. وخذ الأمر
بروح وطنية
ياصديقي ... خطرٌ أيُّ
أتصالٍ
بجهاتٍ خارجية..
!!
الوصية الرابعة
عند إفطارك
لا تشربْ سوى كوب
اللبنْ
قدحُ البنِّ منبـّه.. فتجنـّبهُ إذن.. !!
قدحُ الشاي منبـّه..
فتجنـّبه إذن..
!!
يا صديقي..كلّ شخصٍ متنبـّه
هو مشبوهٌ.. مثيرٌ
للفِطنْ
يبتغي أن يُشعلَ الوعيَ..
لإحراقِ الوطنْ.. !!
الوصية الخامسة
لكَ في المطبخ آلاتٌ..
تثيرُ الارتياب
انتزع أنبوبةَ الغازِ..
وأعوادَ الثقابْ
ولا تنس السكاكينَ..
وسفافيدَ الكبابْ
ربما تطبخُ شيئاً..
وتفوحُ الرائحةْ
ما الذي تفعلهُ لو ضبَطوا.. عندك هذي الأسلحةْ
هل ترى تـُقنعهم
أنك مشغولٌ بإعدادِ
طبيخٍ
لا بإعدادِ انقلاب..!!
الوصية السادسة
قبل أن تخرجْ
دعْ رأسكَ في بيتكَ
من بابِ الحذرْ
ياصديقي.. في بلاد
العُرب أضحى
كل رأسٍ في خطرْ
ماعدا رأس الشهر..
!!
الوصية السابعة
انتبه عند الإشارةْ
لا تقفْ حتى إذا
أحمـرّت..
إذا كنتَ قريباً مِن
سفارةْ.. !!
الوصية الثامنة
لا تؤجلْ عملَ اليومِ
إلى الغدْ
ربما..
قبلَ حلول الليلِ ..
تُبعدْ.. !!
الوصية التاسعة
أغلقْ السمعَ ....ولا
تصغِ لأبواقٍ الخيانةْ
ليس في التحقيقِ ذلٌ
أو عذابٌ.. أو إهانةْ
أنتَ في التحقيقِ
موفورَ الحصانةْ
ربما يشتمكَ الشرطيُّ.. مِن بابِ (الميانة)
هل تسمي ذلك اللّطف..
إهانةْ..؟؟!!
ربما تُربط في مروحة السقفِ
لكي تصبح في أعلى
مكانةْ
هل تسمي ذلك العزّ..
إهانةْ..؟؟!!
ربما مصلحةُ التحقيقِ
تضطرّ المحققْ
أن يجسّ النبضَ مِن كلّ الزوايا.. ويدققْ
فإذا جسّك مِن (ظهرك)..
أو ثبـّت فيه الخيزرانةْ
لا تظن الأمرَ ذلاً.. أو مهانةْ
يا صديقي..إن إثباتَ
العصا في (الظهر)
إجراءٌ ضروريٌ
لإثباتِ الإدانةْ..!!
الوصية العاشرة
لا تمتْ منتحراً
لا تسلّمْ الروح لعزرائيلَ..في وقتِ الوفاةْ
ليس مِن حقـّكَ.. أن
تختارَ نوعيةَ أو وقتَ المماتْ
انتبه.. لا تتدخّل في اختصاص السلطاتْ.. !!