أطباء يُحذّرون من "اكتئاب الفيس بوك" لدى المراهقين

الأطباء يُحذّرون من "اكتئاب الفيس بوك"
لدى المراهقين

حذرت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال مؤخراً مستخدمي الإنترنت من نوع جديد من الاكتئاب قد يصيب المراهقين بصفة عامة، و مستخدمي الفيس بوك بصفة خاصة وهو اكتئاب الفيس بوك وأضافوه إلى قائمة الأضرار الأخرى الُمرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي، والذي يمكن أن يصيب المراهقين المضطربين المهووسين باستخدام هذا الموقع.
وقد اختلف الباحثون حول تفسير هذا الموضوع، حيث يرى البعض أن هذه الحالة هي امتداد للاكتئاب الذي يصيب بعض الأطفال في ظروف أخرى، بينما أشار آخرون إلى أن هذه الحالة مميزة و مرتبطة باستعمال الموقع الإلكتروني.
تقول طبيبة الأطفال جوين اوكيفي و هي مؤلفة إرشادات التواصل الاجتماعي للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال: "الفيس بوك له سمات فريدة قد تجعل منه مجالاً اجتماعياً قاسياً لبعض الأطفال الذين يعانون من ضعف الثقة بالنفس."حيث يمكن أن يشعر بعض الأطفال بالسوء عندما يقرؤون أخبار أصدقائهم في الموقع ويشاهدون صورهم التي تظهر أنهم يستمتعون بأوقات رائعة، فيشعرون بالنقص والكآبة إذا لم يحصلوا على قدر مماثل من المتعة وأضافت أوكيفي أنه من الممكن أن يكون الأمر أكثر إيلاماً من الجلوس وحيداً في مطعم المدرسة وغيرها من المواجهات التي يخوضها الطفل في حياته وتجعله يشعر بالإحباط، و ذلك لأنّ هذا الموقع يُقدّم صورةً غير واقعيّة، فلا يستطيع الشخص مشاهدة تعبيرات الوجه وقراءة لغة الجسد التي تصف حالة الإنسان بشكل أفضل."
وتحثُّ إرشادات التواصل الاجتماعي أطباء الأطفال على تشجيع الأهل على التحدث مع أبنائهم عن استخدامهم للإنترنت والحذر من أخطارها كاكتئاب الفيس بوك و الترهيب عبر الإنترنت و الكتابات الإباحية.
وتقول آبي (16 عاما)، أنها تستخدم الفيس بوك بشكلٍ متكرّر ولكن هذا الموقع لم يجعلها تشعر يوماً بالاكتئاب، لكنها تتفهم تأثيره على بعض الأطفال. "يحدث التأثير السيئ عندما لا يملك الشخص الكثير من الأصدقاء في الحياة الواقعية ولا يقوم بالكثير من الأنشطة في حياته ويشاهد أخبار أصدقائه وصورهم في الموقع التي تظهرهم سعداء ومسرورين مع أصدقائهم."وتضيف: "إن الأمر يبدو كمسابقة للحصول على لقب صاحب الشعبية الأكبر، ذلك الذي يحصل على أكبر عدد ممكن من طلبات الصداقة والصور."
أمّا جابي نافارو(18 عاما) فتقول : انه من الشائع أن يقوم البعض بنشر رسائل مسببة للإحراج لأشخاص لا يُعجبونهم على حائط الفيس بوك، وهذا ما حدث مع بعض أصدقائها وأن لديها فكرة عن الاكتئاب الذي يُسبّبه هذا الأمر لدى بعض المراهقين. "يجب على الآباء أن يعلموا هذه التصرفات، و من الأفضل التوعية حول هذا الموضوع."
وتشير إرشادات التواصل الاجتماعي إلى أن الإحراج الذي يواجهه المرء عبر الإنترنت قد يُسبّب له تأثيرات نفسية اجتماعية عميقة قد تصل إلى حد الانتحار. جدير بالذكر أنّ فتاة في الخامسة عشر من عُمرها كانت قد انتحرت بعد أن تعرّضت للترهيب و الإحراج شخصيّاً و على الفيس بوك.
وأشارت أوكيفي أن " الفيس بوك هو المكان الذي يقضي فيه المراهقون أوقاتهم هذه الأيام، فهو بمثابة الزاوية التي يجتمعون عندها."ولا يجب التغاضي عن فوائد استخدام مواقع التواصل
الاجتماعي مثل الفيس بوك لدى المراهقين، فهي وسيلة للتواصل مع الأهل والأصدقاء ومشاركة الصور وتبادل الأفكار. "الكثير مما يجري في الموقع هي أمور صحية جداً، إلا أنها يمكن أن تتجاوز ذلك الحد."
وتقول الدكتورة ميجان مورينو أخصائية في طب المراهقين في جامعة ويسكنسن والتي قامت بدراسة تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على طلاب المدارس أنّ استخدام الفيس بوك قد يُعزّز الشعور الاجتماعي لدى الأشخاص المتأقلمين بشكل جيد، بينما يُظهر تأثيراً معاكساً لدى الأولاد الذين هُم عُرضةٌ للاكتئاب. لذا لا يجب أن ينظر الآباء إلى هذا الموقع بأنه سيؤدي إلى إصابة أولادهم بالاكتئاب بطريقة أو بأخرى."
وخلاصة القول أن مثل هذه المواقع الاجتماعية تخلق عالم اجتماعي غير واقعي حيث تقدم وجهة نظر بعيدة عن الواقع و غير حقيقية حيث لا يرى المستخدم تعبيرات الجسد أو تعبيرات الوجه التي يقوم بها الطرف الآخر، و التي قد يكون لها دور كبير في فهم الرسائل المتبادلة بينهما وهذا ما قد يتسبب في عزلة المراهق عن العالم الواقعي المحيط به.
بالإضافة إلى ذلك ، فإن إهمال الأصدقاء للمراهق عبر المواقع الاجتماعية قد يتسبب له في أذى نفسي كبير يفوق إهمالهم له في الحياة الواقعية أحيانا، وذلك بسبب اهتمام المراهق بردود أفعال أصدقائه تجاه ما ينشره من أخبار أو روابط أو صور وهو ما يضعه تحت ضغط نفسي كبير في معظم الأحوال. كما تلعب المضايقات التي تحدث عبر الإنترنت دورا كبيرا في معظم
المشكلات النفسية و الاجتماعية التي قد تقود المراهق إلى ردود أفعال قاسية و قد تدفعه إلى الانتحار.
لذا يحتاج الآباء إلى فهم واع لطريقة و آلية عمل هذه المواقع ليستطيعوا التواصل مع أبنائهم وحتى لا تشكل هذه المواقع خطرا شديدا على أبنائهم.

المصدر
.