حطت طائرة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان، في مطار بيروت الدولي مساء أمس، في زيارة تستمر ثلاثة أيام على عكس زياراته الخاطفة السابقة إلى لبنان.
هذه الزيارة كمثيلاتها من الزيارات الى لبنان وتحركات السفيرة الاميركية مورا كونيللي التي لم يجرِ التنسيق بشأنها مع الخارجية اللبنانية، هذا ما أكده وزير الخارجية والمغتربين علي الشامي لـ«البناء»، مشيراً إلى أنه لم يتبلغ بصفته وزيرا للخارجية بموعد الزيارة، ولا حتى بجولات يقوم بها عدد من السفراء.
وسيجري فيلتمان خلال زيارته محادثات مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي وأحد مساعدي رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الموجود في الخارج.
وأدرجت مصادر مطلعة الزيارة في خانة الزيارات التقليدية التي يتفقد خلالها الأميركي حلفاءه في لبنان المتمثّلين بقوى 14 آذار، لتثبيتهم على مواقفهم المتصلبة من خلال منحهم جرعة دعم وصمود، على قاعدة التحرك الذي تقوم به الولايات المتحدة في المنطقة، وإبقائهم على أمل تحقيق أهدافهم في انتظار نتائج المعركة الدائرة على الساحة الإقليمية برمتها».
على هذا، فإن الزيارة هي بمثابة إعادة ضخّ الدم في شرايين فريق 14 آذار وإبلاغ رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، مجدداً بالشروط الأميركية للتعامل مع الحكومة العتيدة، وهي التزام قرارات المحكمة الدولية في ضوء الكلام الذي صدر عن اقتراب موعد صدور القرار الاتهامي في حزيران المقبل، والتزام تنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالجنوب، وخصوصاً القرار 1701، كما تتضمّن الشروط عدم التعامل دبلوماسياً مع أي وزير في الحكومة ينتمي إلى فريق حزب الله.
كما تأتي الزيارة في ظروف حساسة يمرّ بها لبنان والمنطقة، فيما يحمل فيلتمان رسالة الى ما يُسمّى "ثورة الأرز" للاستمرار في السياسات العدوانية تجاه دمشق في ضوء الأحداث التي تجري من خلال تحويل لبنان إلى منصة تحريض طائفي ومذهبي ضد سورية.
وتؤكد الأوساط أن فيلتمان سيبحث مع المسؤولين اللبنانيين الوضع على الحدود مع فلسطين المحتلة، ولا سيما بعد المسيرة إلى مارون الراس في ذكرى النكبة، ونتائج المواجهة مع جيش العدو «الإسرائيلي» في الجنوب والجولان، والأبعاد الأمنية والسياسية لهذه الأحداث.
وترى الأوساط أن الضغط من لبنان على سورية يأتي بالتناغم مع العقوبات التي فرضتها واشنطن على القيادة السورية، بغية دفع هذه القيادة إلى تعديل مواقفها من المقاومة من جهة، ولكي تضمن الولايات المتحدة خروجاً آمناً لقواتها العسكرية من العراق نهاية العام الجاري، ما يعني أن الهدف الأميركي ليس إسقاط الحكم، وهذا ما بدا في قول الرئيس الأميركي باراك أوباما إن على القيادة السورية القيام بإصلاحات أو الرحيل.
وعزز هذا المنحى، الموقف البريطاني الذي صدر مساء أمس، وطالب الرئيس بشار الأسد بالإصلاح لا بالرحيل.
ومن وسائل الضغط في الأجندة الأميركية ضد سورية، استغلال مسألة العائلات التي نزحت من سورية ضمن «البروباغندا» الإعلامية الشائعة في هذه الأيام ضد دمشق، وبتحريض من بعض مناوئي الحكومة السورية مثل تيار المستقبل وعدد من الشخصيات السورية في الخارج.
لكن في المقابل، تؤكد الأوساط أن هذه الورقة لم تعد ذات جدوى، بعدما أصبح الوضع الأمني مستتباً إجمالاً في سورية التي بدأت تستعيد استقراراها، وبالتالي سيعود النازحون إلى بلادهم.
من هنا، ترى الأوساط أن مهمة فيلتمان لن تحمل التأثير ذاته كزياراته السابقة، ولن تكون قادرة على تغيير المعطيات المحلية والإقليمية، وحقيقة سقوط الأنظمة الموالية للإدارة الأميركية، التي كانت بمثابة الوكيل عنها في متابعة حروب قوى 14 آذار ورعايتها.