دين الاسلام دين الله و الرحمة التي أنزلت على العباد. و لكن يجول في خاطري تساؤلات عن قرب السيف من الاسلام حتى التصق الاسمين معا. حضرت, و كنت صغيرا فيلم الرسالة عن الرسول محمد صلى الله عليه و على آله و سلم, و عند انتهاء الفيلم, أكثر ما بقي منه في مخيلتي الصغيرة تأثري بالمؤذن بلال و صور السيف و الرمح و الخيول. حتى ما كبرت قرأت مقالة في جريدة عربية نقلا عن جريدة أجنبية نشرته سابقا. يتهم فيه الكاتب الاسلام بالدموية و أنه نشر بالسيف. فعادت بي مخيلتي الى الفيلم, و طبعا موقف يظهر سوء اطلاعي على ديني و تقصيري. و اذ اقتضى التوضيح, فان الله سبحانه و تعالى أراد لكل قوم نبيا يخلصهم مما ابتلو به من فساد و أمراض و ظلم الطغاة و الفراعنة. جاء النبي سليمان على بساط الريح في زمن كثرت فيه ضروب السحر لاغراء الجهلة و ادعاء الربوبية, فعجزو أمام النبي رغم أن لله عز و جل أرسل فيهم ملكين علما كل القوم السحر ليضرب بهم مثلا فيتوبو. و النبي موسى الذي أنزل بعصاه الستارة على مسرح صولجان الفرعون و فرعنته و شق بها البحر و طوى بها الزمان لزمان جديد. و في عصر الأمراض و الاضطهادات كان النبي عيسى عليه السلام يمسح الجروح و الآلام فيطيبها و يشفيها, فأحيا الموتى و قام بمعجزات فسمع و تكلم الأبكم, و رأى الكفيف, و يا سبحان الله. و أما النبي محمد الرسول الأكرم, قد نزل عليه الوحي في عصر الجاهلية القبائلية المتناحرة السائدة على شريعة الغاب و عقيدة فرق تسد و البقاء للأقوى, و من أعظم شعرا من أبي الطيب المتنبي شاهدا في بيت شعره هذا على هذا العصر : " الخيل و الليل و البيداء تعرفني,,, و السيف و الرمح و القرطاس و القلم."
عصر تفاخر فيه الرجال ببىلاغة الشعر و حدة السيف, تفاخروا أمام حلفائهم بالكلمة و هزموا أعدائهم بالسيف. فلما كان الوحي من الله عز و جل على نبيه محمد صلى الله عليه و على آله و سلم, و كانت ثمرة هذا الوحي الآهي القرآن الكريم المعجزة في الأسلوب و المضمون, بلاغة تأسر القلوب و الأبصار. و شاء الله أن بنى النبي ابراهيم عليه السلام و ابنه اسماعيل الكعبة الشريفة و أن اختارها لحكمته أن تكون محجة الاسلام. حينها أحكم قبضتهم على الكعبة زعماء قبائل و أغنياء قوم ملأوا الكعبة بالأصنام و الأوثان عبدها الناس من كل بقاعي الأرض, و أتوا اليها زائرين عابدين يتركون فيها الأموال و الأضاحي و الهدايا على مدار السنة, فلم يكن سهلا على الرسول أن يقنعهم بقدسية هذا المزار لوجه الله الواحد الذي, بسم الله الرحمن الرحيم "لم يلد و يولد و لم يكن له كفوا أحد" صدق الله العلي العظيم. في بادئ ذي الأمر أقنعهم الرسول بالسماح للمسلمين بزيارة الكعبة خلال قترة الحج, و كأنه بهذا النقاش و الحوار من أجل بلاغ الرسالة يعطيهم فرصة كي يعدلوا عن عبادة الأوثان و يعودوا الى الله تعالى, و لكن بصيرتهم عمياء و قلوبهم ظلماء. بسم الله الرحمن الرحيم "يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم القتال و هو كره لكم" صدق الله العلي العظيم. فكتب القرآن الكريم واجب الجهاد المقدس على كل مسلم و مسلمة من أجل صون العرض و الأرض, و من مدرسة النبي, الامام الحسين عليه السلام: لا أر الموت في سبيلهما الا سعادة و الحياة مع الظالمين الا برما. الظالمين الذين ظلموا انفسهم و الرسول, و لكن الرسول أعد جيشه و جاهدوا و كان منهم الشهداء مضرجين بدمائهم من أجل كرامة بيت الله الحرام, فدخلولها و في المقدمة الرسول هدم أصنام الكعبة و طهرها من الوثنة, و حرر الكعبة التي اختارها الله لحكمته قبلة الاسلام و المسلمين, بسم الله الرحمن الرحيم "لا تحسبن اللذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون" صدق الله العلي العظيم. و كان أن استرد النبي بقوة السيف و عقيدة الجهاد ما كان قد أخذ من الاسلام بالقوة. و أما دين الاسلام, كفكرة و روحية و علم و أسلوب حياة و عبادة الخالق, و التعاطي مع الموت على انه حق و رفض كل ما هو باطل في الحياة, و التجارة. هذه النقطة بالذات, التجارة, هي نقطة محورية على حد تعبير المضطلعين المتواضعين, التي كانت حجر الأساس لنشر ديانة الاسلام, و أنه لم ينشر بالسيف كما زعم و يزعم بعضهم. لقد بارك الله في التجارة, و الرسول مارس التجارة لما فيها من خير الناس و التبادل معهم, و قد تزوج من السيدة خديجة عليها السلام التي قدمت له كل الدعم و وقفت الى جانبه و أعطته أموالها للتجارة ذلك قبل نزول الوحي عليه. و عمل المسلمون في التجارة و سافروا مما ساهم في نشر هذا الدين. اذ كان على التاجر المسلم خلال فترات ان يسافر, و السفر شاق في تلك الأيام و طريقه طويلة و أيامه عديدة, كان لزاما على المسافر أن يتنقل من منطقة الى منطقة و ما في ذلك من لقاء ناس غرباء عن قومه و عن دينه و المكوث معهم قبل الوصول الى محطته الأخيرة حيث يتم التبادل التجاري الفعلي, و قضاء عدة أيام قبل سلوك طريق العودة. هذا التخالط و التلاقي المتنامي مع التجار المسلمين ولّد عقلية التأثر بالدين الاسلامي عند تلك الشعوب على طول امتداد مساحات السفر ذهابا و ايابا. و انا على ثقة و يقين أنه لو اتيح لهؤلاء التجار المسلمين أتباع رسول الله فرصة السفر الى كل الأرض لنشروا الاسلام في كل بقاعها و لغزوا العالم بالكلمة و الفكر و العلم و محبة الله و السلام بين الانسان و اخيه الانسان. هذه الحقبة التي أسلم بها الكثيرون من الناس, كان اسلامهم تأثرا بالدين الاسلامي لعبادة الله, و قد بقيوا على اسلامهم و توفوا مسلمين, على عكس ما حصل في بلاد الأندلس التي دخلها المسلمون بكركعة السيوف و صهيل الخيول و ألزموا القوم بالاسلام, و لكن وسيلة القوة هذه لم تقنع شعب الأندلس بدين الاسلام. و الدليل اليوم لم يبقى في الأندلس شيئأ من الاسلام إلا بعض المظاهر العمرانية. و السؤال, لماذا لم يتأثر قوم الأندلس بالاسلام و اتخاذه دينا لهم؟ جوابه واضح و شاهد على أن البلاد الوحيدة التي أخذها الاسلام بالسيف, لم تدم له و خسرها. فلا اكراه في الدين أيها المسلمون, بسم الله الرحمن الرحيم "و لا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين" صدق الله العلي العظيم. هذا الدين و قرانه ملاذا الى الله تعالى من ظلم العباد و التماسا لرحمته فينا كي نستعيذ به من الشيطان الرجيم و عدم الاستخفاف بالناس و بأرواحهم, و نستعين به لنصرة انفسنا يوم القيامة. الاسلام احدّ من السيف بظوابطه, يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر, و أوسع رحمة في آيته الكريمة التي نزلت بالنبي محمد رسول الله و خاتم النبيين, بسم الله الرحمن الرحيم "و إنا أرسلناك رحمة للعالمين" صدق الله العلي العظيم.